雪小禅第一次接受外媒专访

标签:
娱乐 |
1、如果阿拉伯读者问了谁是雪小禅作家,您怎么给他/她介绍?
我在年轻的时候写过很多的青春小说,在国内发行量最大的《读者》和《青年文摘》杂志上,不停转发我的小说。几年前,转型改写文化随笔,涉猎中国传统文化——书法、绘画、建筑、戏曲、中医等。在湖南大学的海报上曾这样介绍过我,“她的作品如繁星,曾照亮无数少年的青春。”很多的少年是看着我的小说和美文长大的。他们在高考模拟试卷上都曾经做过我的文章,但现在很多中老年人也是我的读者,他们看我写的关于中国传统文化的随笔,能找到其中的共鸣。在自己华丽转身的过程中,从一个单纯写青春爱情小说的作家到一个知性的文化学者,是一个破茧成蝶的过程,是一个蛇蜕皮的过程,在我成长的过程中,我也愿意带着我的读者一起成长,彼此映照,彼此见证,彼此走过光辉岁月。
目前我已经出版过50本书,并有多本书被翻译到日本、越南、阿拉伯,同时,台湾繁体版也有出版发行,有的书在国内的畅销书排行榜上,长篇小说《无爱不欢》和《刺青》都曾经在全国各大网站点击率排名第一。小说《刺青》、人物传记《裴艳玲传》即将被拍成电影。
2008年,获得“全国十佳网络作家”,2011年获得第六届老舍散文奖,2013年,获得首届孙犁文学奖。
2.您写过在您的博客上:“我根本没有想成为作家。但是很多人叫我作家,这成了我的标签,一辈子不可能撕掉了”,那您小时候的梦想是做什么?怎么不知不觉当了作家?
我小时候的梦想是成为一个裁缝,或者一个放电影的人,再不行就去当一个图书管理员,但都没有实现。可这些念头从来没有消失过,我从小对好看的衣服极为敏感,那些被人们所讥笑和不耻的女人因为漂亮和风情让我暗自倾慕。那一块美丽的花布在裁缝手里变成一件漂亮衣服时,我的眼睛散发着炽热的光芒——裁缝踩着缝纫机的样子太性感了,那声音“达达”的胜似任何花开的声音。那时我立志成为一名裁缝,并且要穿上独一无二的衣服。这件事情离作家极远。小时候我便不合群,喜欢与男生打架,母亲买的红袄不讨我喜欢,便自己骑单车去换成绿色的。为买到一块好看花布做裙子,我转遍了霸州城所有商店,包括那些角落中的小卖部。长大后我有两件东西最多:一是书,二是衣服。很多衣服是我自己设计的,难免夸张、奇特。偶尔想起裁缝梦,怅怅然。那时小城的文化馆是最雅致的地方。细长的小院,院中有两棵极粗的合欢。东侧屋内有唱戏的人,评剧或者梆子,两边的屋子有几十种订阅的杂志——《人民文学》《十月》《中篇小说选刊》,那时有一个十三、四岁的少年在阅览室看这些杂志,那阅读台是紫色的桌布,有些坡度,放上杂志刚刚好,窗外的合欢开得正好,那个少年正读张承志的《黑骏马》,她几度哽咽,热泪盈眶,怕人看见,便偷偷用袄袖拭去泪水。那个少年便是我。而戏曲的种子也就此萌芽,我第一段戏是偷着学来的评剧《花为媒》中的报花名。
文学馆还有一个狭窄的后院,穿过月亮门便是了。在八十年代,那样的小院让人极富想象,我曾偶尔推开一扇门看到过一幕——书桌上摊着散乱的手稿,是那种三百字的稿纸,上面写着《长久的天空长久的雨》,落款是阎伯群。后来有人告诉我:这是个作家,就在文化馆写小说,不用上班。我羡慕极了,作家。写小说。更关键的是:不用上班。而且可以每天听戏、看书、闻花香。多年后阎伯群出了我第一本书《烟雨桃花》,他不再写作,开了许多彩票站,生意红火。这一切,大概皆是天意。
我第一次萌生当作家不错的念头。这比当裁缝和放电影的看起来更无所事事。
3.作为女作家,怎么看待中国女性的角色在现代社会的改变?
4.从你的角度看,中国年轻作者对新代文学有什么贡献?
5. 您已经书出版了50多部书,对您来说,哪一本是您最喜欢的作品?
حوار عبر القارات
مع
الكاتبة الصينية شويه شياو تشان
"لم أحلم قط، بأن أصبح كاتبة. ولكن يلقبني
الكثرون هكذا، حتى أصبحت هويتي، لا يمكني التخلص
منها العمر كله"
إذا ملكت لغة، فقد ملكت مفاتيح الدخول إلى أبواب
عدة، لن يقتصر الأمر فقط على قدرتك على التواصل مع
أهلها، بل يصير الأمر أشمل بكثير، وتصبح متعمق أكثر
في فهمك للأشياء المتعلقة بهذا البلد، وستنظر لها بمنظور مختلف،
تمامًا كأنك ترتدي عدسة مكبرة على عينيك، ترى بها الأشياء بدقة أكثر
عن غيرك.
لولا معرفتي باللغة الصينية، لما وصلت إلى ترجمة هذا الحوار الذي
أجريته عبر البريد الاكتروني مع الكاتبة الصينية المتميزة شويه شياو
تشان، والتي تعد واحدة من أبرز الكاتبات الصينيات.
بدأت معرفتى بها من خلال قصة قصيرة قرأتها لها، وتأثرت بها كثيرًا،
فقررت أن أترجمها، ثم دفعنى فضولي إلى قراءة المزيد من أعمالها، فوجدت
نفسي أبحث عن وسيلة أتصال بها، وأكتب لها رسائل إلكترونية أشكرها
فيها، وأتمنى أن تتيح لي الفرصة أن أقوم بنقل أعمالها للقاريء العربي،
ليتعرف على كاتبة صينية مختلفة ومتميزة.
■ إذا سألًك قارىء عربى من هي الكاتبة شويه شياو تشان، فكيف
ستعرفين نفسك؟
- كتبت العديد من الروايات الشبابية، في بداياتي، ونشر عدد
غفير منها في
مجلتي "القراء" و"مقتطفات شبابية"؛ وهم من أكثر
المجلات انتشارًا وتوزيعًا في الصين.
قبل بضعة أعوام، اتجهت إلى كتابة المقالات
الثقافية، وتحديدًا عن الثقافة الصينية التقليدية،
والتي تتضمن: الخط الصيني، الرسم الصينى، العمارة
الصينية، الأوبرا الصينية، والطب الصينى.
كتبت عني الصحيفة التابعة لجامعة خو نان كالتالي: "أعمالها
كمجموعة من النجوم، تضيىء سماء عدد كبير من الشباب
الصغار". فالعديد يقرأون رواياتي ومقالاتي. فحتى أن
مقالاتي والنصوص التي أكتبها تكون موجودة أحيانًا، في بعض امتحانات
الالتحاق بالجامعات، وقد انضمت شريحة جديدة من متوسطي العمر وكبار
السن إلى قرائي؛ وذلك لما أحدثته مقالاتي الثقافية
لصدى عندهم.
من أجمل مراحل التحول في حياتي، هي أنني تحولت من كاتبة
تكتب روايات رومانسية خفيفة إلى مثقفة تكتب عن
الثقافة الصينية، وهذه المرحلة محورية جدًا بالنسبة لي، فهي أشبه
بمرحلة تحول
اليرقة إلى فراشة، أو مرحلة
تغيير الثعبان لجلده، فأنا أرغب أن أنمو مع وقرائي
في هذه المرحلة، يضي كل منا الطريق للأخر، ويكون كل
منا دليل للأخر، بل ونسير سويًا تجاه أيام مشرقة وعظيمة.
صدر لي 50 كتابًا، تُرجم الكثير منهم إلى اليابانية،
والفيتنامية، وجاري ترجمة بعض الأعمال إلى العربية،
وصدر منها أيضًا نسخ بالتاياونية، وبعض الكتب دخلت
ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في الصين، كما أن روايتى" تعيس بدون
حب"، "الوشم"، فازا بالمركز الأول في معدل الدخول على الروابط الخاصة
بها، في أكبر المواقع الصينية
على شبكة الإنترنت." الوشم" و "سيرة (*)بي يان لينغ" تم تحويلهم إلى
أفلام.
_________________________________________________
(*)هي من أشهر فنانو أوبرا بكين.
■ كتبتى على المدونة الخاصة بك:" لم أحلم قط، بأن أصبح كاتبة.
ولكن يلقبنى الكثرون هكذا، حتى
أصبحت هويتي، لا يمكني التخلص منها العمر كله"،
فإذًاً ماذا كان حلمك وأنتي
صغيرة؟ وكيف أصبحتي كاتبة فجأة؟
- في طفولتي كنت أحلم بأن أصبح خياطة، أو مكنجية في السينما،
وإذا لم أستطع تحقيق ذلك الحلم، أصبح أمينة مكتبة، ولكن لم يتحقق أي
منهم. لم تتلاشى كل هذه الأفكار
من رأسي مطلقًا، فمنذ طفولتي
وأنا انجذب تجاة الملابس الجميلة، وهذا الشيء كان
يلقى سخرية من الأخرين، فكنت أكتمه في قلبى ولا أصرح به إلى أحد.
تحول الخياطة القماش الجميل، إلى قطعة رائعة
من الملابس، وكان ذلك يبعث بريق إلى عيناي ويجذبهما___فإن شكل الخياطة
وهي تعمل على الماكينة كان يفتنني للغاية، والصوت
التي تصدره الماكينة، كان في أذني أطرب من أصوات
الزهور وهي تتفتح.
في ذلك الوقت عزمت على أن أصبح خياطة مشهورة، لأفصل ملابس مميزة
أرتديها. هذا الشيء كان بعيد تمامًا على أن أصبح
كاتبة. كنت في طفولتي غير اجتماعية، دائمة الشجار
مع الصبيا. عندما كانت تشترى أمي لى سترة حمراء كنت لا أعجب بها، فكنت
أركب دراجتي وأستبدلها بأخرى خضراء.
من أجل أن ابتاع قماش جميل لتفصيل جونلة، كنت
أذهب إلى كل المتاجر الموجودة في (*) با چو ، بما فيهم تلك المتاجر
الصغيرة المختبئة في الزوايا. بعد أن
كبرت أصبح أكثر شيئان امتكلهما:
الكتب، والملابس. العديد من الملابس أصممها بنفسي،
لتجنب المبالغة والغرابة.
______________________________________________________
(*)با چو: مدينة في مقاطعة خه بي في الصين.
إذا خطر حلمي على بالي صدفة، كنت أصاب
بالإحباط. في ذلك الحين كان المركز الثقافي أكثر
الأماكن أناقة في مدينتى الصغيرة. يتوسط الفناء الصغير، شجرتان من
(1)الأبيزيا . ومن ناحية الغرب كانت هناك غرفة بها
ناس يمثلون ويغنون الأوبرا الصينية، وأخرون يغنون
أوبرا شمال الصين، أو ينقرون بألة (2)البانغ زى، وكان على الجانبين
حجرتين بهما عشرات المجلات والصحف المختلفة، كصحيفة"أدب الشعب"،
"أكتوبر"، و"مختارات من القصص الصينية المتوسطة"، في ذلك الوقت كان
هناك صبية يبلغ عمرها 13 أو 14 سنة، تجلس في حجرة
القراءة تتصفح هذه المجلات. كانت طاولات القراءة بنفسجية
اللون، وسطحها قليل الميل؛ مما يجعل القراءة أكثر
راحة ومتعة؛ كان مشهد شجرات الألبيزيا في الخارج،
يبدو ساحرًا عبر نافذة الحجرة، وكانت هذه الصبية بداخل الحجرة تقرأ
رواية" جواد أسود أصيل" للكاتب الصينى چانغ تشنغ چه، ولكن قرأتها كانت
ممزوجة بالقلق والخوف، لدرجة أن دموعها كانت تسيل
من عينيها، فتمسحها بكم سترتها؛ لأنها كانت تخشى أن
يراها أحد. فهذه الفتاة الصغيرة هي أنا. من هنا نمت
بذرة حبى للثقافة الصينية والأوبرا الصينية التقليدية،
فالمرة الأولى تعرفت أوبرا شمال
الصين المشهورة " الزهرة وسيط
للحب"، كانت خلسة في هذا المكان.
كان في المركز الثقافي فناء خلفي ضيق، به
(3)بوابة قمرية جميلة. ففي الثمانينات، مثل هذا الفناء الصغير الجميل،
كان يطلق عنان الخيال. كنت افتح الباب من حين إلى
أخر، وألقي نظرة على المسودات اليدوية الموضوعة بشكل عشوائي على طاولة
القراءة، وكان من ضمنهم واحدة متكوب عليها"سماء شاهقة، مطر دائم" ،
وكانت مهداه من يان بوه تشوين.
فيما بعد أخبرنى شخص: أن يان بوه تشوين هو كاتب، يكتب روايات في
المركز الثقافي، وليس عليه
الذهاب إلى العمل. حسدته كثيرًا، وسبب حسدى له هو
أنه لا يحتاج الذهاب إلى العمل.
بل وكل يوم يمكنه أن يذهب إلى الأوبرا ، وأن يقرأ كتب، وأن يستمتع
برائحة الزهور وريحقها العطر، بعد عدة سنوات ساعدنى
يان بوه تشوين في نشر أول كتاب " زهرة الخوخ وسط أمطار ضبابية"، ثم
أعتزل الكتابة، وفتح العديد من من الأماكن لبيع
أوراق اليانصيب، وازدهرت تجارته. كل ذلك كان بمحض صدفة، دبرها
الله.
عند صدور أول عمل لى، أصبحت فكرة أن أكون كاتبة فكرة رائعه، بل
وبدت لي مريحة أكثر من أن أصبح خياطة أو مكينجية.
____________________________________________________
(1)الألبيزيا: نوع من الشجر المداري والاستوائي سريع
النمور.
(2)البانغ زي: هي ألة ايقاعية صيني
(3) البوابة قمرية: هو باب
أو ممر دائري الشكل، كان جزء منهم من عمارة الحدائق والبيوت الصينية
القديمة؛ وسمي بالباب القمرى، لأن شكله مستوحاه من
شكل القمر.
■بصفتك كاتبة، كيف ترين الدور الذي تعلبه المرأة في تغيير
المجمتع الصيني الحالي؟
- في السنوات الأخيرة تغيرت المرأة الصينية كثيرًا، فقد حصلت على
حريات وحقوق أكثر من ذي قبل، وأصبح لها وجه نظر، تفكير، وروح مستقلين،
إذا كانت
المرأة في السابق زهرة أو خيرزان، تتكيء على الرجل
في كل شىء، فهي الآن شجرة، مستقلة لها جاذبيتها وسحرها الخاص. أرى أن
المرأة الصينية المعاصرة قوية، لديها شخصية رائعة مستقلة، كما أنها
تلعب دور مهم، محوري، ومؤثر
جدًا في الحياة والمجتمع.
■ من وجهة نظرك، كيف يساهم الكتاب الشباب في الأدب الصيني
المعاصر ويضيفون إليه؟
- يمكننا أن نقول أن مساهماتهم هائلة وفعالة،
ولكن بشكل غير مباشر، مما يؤثر
تدريجيًا في حركة الأدب الصينى الحديث، تأثيرًا لا يمكن تجاهله، أو غض
الطرف عنه. يوم ما ستصبح مسامهتم علامة مميزة
محفورة في ذاكرة تاريخ الأدب الصينى.
■ قد صدر لك 50 كتابًا، ما هو أحب كتاب إلى قلبك؟
هو الكتاب القادم، عندما أنظر إلى أعمالي التي صدرت، أشعر أن
دائمًا هناك نقص أو عيب ما، كبيرًا كان أو صغيرًا، ولكن دائمًا هناك
شيء غير راضية عنه. فربما بعض الأعمال كانت بها قدر
من السطحية، وبعض النصوص تكون ضعيفة، أو ربما
جميلة ولكنها، قد لا تكون واقعية تلمس الناس.
أصبحت أميل إلى الكتابة عن
الثقافة الصينية، يمكن التوسع في الكتابة عنها، كما أنها أقيم، وتعكس
بوضوح شخصيتي، فيمكن أن يعرف
القراء أننى أنا التى كتبت المقال أو النص، من خلال لمسهم
لشخصيتى وتميزهم لإسلوبى، وهذا
بالنسبة لي أكبر مكافئة وأعظم ثناء.
إليكم القصة القصيرة التى جعلتنى أتعرف من خلالها على الكاتبة
شويه شياو تشان:
الكراسي ترتدي جوارب
كان يعمل مدرس في مدرسة إبتدائية حينذاك، يَقبع في غرفة صغيرة
شديدة البرودة، بها موقد صغير، ولكنها تفتقد
للدفيء. كان دائمًا يصحح واجبات التلاميذ حتى وقت
متأخر من الليل، فتشل ساقيه من البرد القارص وكأنهما تجمدتا.
كانت تعمل مزارعة، وكانت مغرمة به كثيرًا، تغزل
له بيديها جوارب صوفية. وعندما كان يعود إلى
المنزل، كانت تحتضن قدماه، وتدفئهما له. فيقول لها مداعبًا:"رائحتهما
كريهة"، فتقول له:"لا ليست إلى هذه الدرجة". حينذاك كانا في ريعان
شبابهما، لم يتعدى عمرهما الثلاثون. على الرغم من قسوة الحياة، كان
وميض حبهما ودفئه يضيء لهما حياتهما ويتغلب على
قسوتها، فلا يشعران بها.
إذا قام بشراء جوارب من السوق، لن تكون بنفس
جودة الجوارب التي تصنعها، لأنها ستكون رقيقة
الخامة، لا تحمي القدمين من البرد. ولكن الجوارب التي كانت تغزلها
بنفسها، كانت تدفيء قديمه المتجمدتين، ولا تجعله
يشعر ببرودة الطقس مرة أخرى.
فيما بعد انتقل إلى المدينة، كان يعمل ببيع البقول. اصتحبها معه
إلى المدينة، عملت كعاملة نظافة. كانت كل يوم بعد
الساعة الرابعة فجًرا، تنهض من نومها، لتذهب إلى عملها لتنظيف
الشوارع. قال لها: لم تقضين يومًا جميلا معي، فقالت له : ستأتي الأيام
الجميلة، قطعًا.
ولكن لم تأتي تلك الأيام الجميلة.
ذات صباح باكر، صدمتها سيارة، وهي في طريقها إلى عملها؛ بعد
الحادثة فقدت عقلها، حتى باتت لا تستطيع التعرف على أحد. كل ما تفعله
هو أنها تأكل وتشرب. عندما كان يحتضنها، ويناديها باسمها، كانت تنظر
إليه وهي تضحك ضحكة بلهاء، دون أن تتعرف عليه.
كان يخشى عليها من أن تكون تركت مفتاح الغاز
مفتوحًا، فدائمًا كان يجري إلى المطبخ ليغلقه
بإحكام، ولكنها كانت تفتحه، كان لا يفارقها في كل تحركاتها، وعلى
الرغم من ذلك فكل مرة كان يغلق فيها مفتاح الغاز، كانت هي تفتحه.
الشىء الوحيد الذي لم تكف عن فعله؛ وهو غزل
الجوارب، فكانت تصنع جوارب لا بأس بها، متعددة والألوان، ثم تلبسها في
أقدام الكراسي، وهي تنادي على اسم زوجها قائلة: هيا ...ارتدي الجورب،
فعندما ترتديه سيتلاشى شعورك بالبرد.
كانت تُلبس الجوارب إلى أقدام الكراسي، وكان هو ينتزعها. استمرا
على هذا الحال لمدة عشرين عامًا....نعم عشرون عامًا
كاملة، حتى صُقلت أقدام الكراسي كلها من فرط ما ارتدتها من
جوارب.
لم تتوقف عن غزل الجوارب، حتى بعد تخرج ابنها من الجامعة وعمله
خارج البلاد.
بات كل جيرانها المحيطين بها يعرفون أنها تُلبس الجوارب في أقدام
الكراسي، فعندما كانت تخرج من البيت، كان يمازحها
الأخرون ويسألونها إذا كانت ألبست الجوارب مرة أخرى
في أقدام الكراسي؟، فتضحك ضحكة
بلهاء، وتقول لهم: "نعم ألبستها، ولم يعد يشعر بالبرد".
بلغ من العمر أرذله. وبات شعرها أبيض كأرض
مفروشة بالثلج. ستون عامًا، عاشا في فقر مضجع. كان عندما يمشى معها
يمسك بيديها، يغني تلك الأغنيات التي كان يغنيها لها في شبابه، كانت
تنظر إليه وكأنها طفلة صغيرة، تبسط شفتيها ضاحكة، وتطوق يده
بقوة.
رحلت في صمت.
عندما كان يخرج لشراء الخضار، ثم يعود إلى
المنزل، يجد البيت خاويًا؛ فهي لم تعد موجودة لتجري
كالأطفال لتفتح له الباب.
وعندما كان يخرج المفتاح من جيبه ويفتح الباب، فتقع عيناه على
الكنبة، كان يرى طيفها جالسًا في سكينة، بيدها جورب
لم تنتهي من حياكته بعد.
بعد مراسم دفن زوجته، كان دائمًا ما يجلس
ساهمًا. أعاد وحده ترتيب كل
الجوارب التي صنعتها على مدى العشرين عامًا. كان
دائمًا ما يخلع الجوارب التي تكسيها بها زوجته أرجل
الكراسي. لكن منذ أن رحلت زوجته، أخرج جوز من الجوارب، ثم انحنى
وألبسهما في قدمي لكرسي.
كان لا يعرف كيف يُلبسهما بشكل جيد كما كانت تفعل هي، فكان يقلب
الكرسي رأسًا على عقب، ثم يدخل الجورب في قدم الكرسى ويسحبه إلى أعلى
رويدًا رويدًا، كان يود أن يفعل مثلما كانت تفعل زوجته، ترفعه وتشده
إلى أعلى. في أثناء قيامه بفعل ذلك كانت شفتاه تقرأ بعض الكلمات،
وكأنه يحدث نفسه وينادي اسمه كما كانت تفعل، فيقول هيا... حسنًا، إذا
ارتديت الجوارب لن تبرد قدماك.
عندما جلس مقابل تلك الكراسي التي اكتست أقدامها بالجوارب، أدرك
أن المرأة التي تحبه بجنون قد رحلت، بل وأنه لم يشعر بالانزعاج انتزاع
الجوارب التي كانت تضعها زوجته في أرجل الكراسي على مدي العشرين عام.
عرف جيدًا، أن تلك الجوراب هي أيقونة حبهما؛ حب قوي محفور في الوجدان،
لاينسى إلى الأبد.
حوار وترجمة: مي عاشور